شهدت مناظرة السيزيام 2025 مشاركة قياسية، لكن النتائج كشفت عن تراجع لافت في نسب القبول مقارنة بالسنوات الماضية.
سيزيام 2025: تراجع نسب القبول ... ودلالات الأرقام.
تُعدّ مناظرة الدّخول إلى المدارس الإعداديّة النّموذجيّة وفي ظل المنافسة الشّديدة و التّشدّد في الانتقاء، كشفت نتائج هذه الدّورة عن مؤشرات دالّة تتجاوز حدود الأرقام، لتعكس واقع التّعليم الابتدائي من جهة، وتطرح تساؤلات حول نجاعة التّقييم، ومدى ملاءمة البرامج الرّسميّة لمتطلبات الامتياز.
إحدى المحطّات التربويّة المفصليّة في مسار التلميذ التونسيّ، إذ تمثّل فرصة لانتقاء النّخبة من المتفوّقين في نهاية المرحلة الابتدائية. وقد شهدت دورة 2025 إقبالًا قياسيًّا، حيث بلغ عدد المترشحين أكثر من 64 ألف تلميذ وتلميذة، ساعين إلى الظفر بمكان ضمن نخبة مدارس تُعرف بجودة التّأطير والتّكوين.
تهدف هذه القراءة التّحليلية إلى الوقوف على أبرز معطيات الدّورة الحالية، من حيث نسب النجاح، التفاوت في الأرقام، تأثير المواد الأساسيّة في النتائج، وطبيعة المناخ التربويّ الذي أفرز هذه الخارطة النّهائية للناجحين.
نسبة الحضور مقارنة بعدد المسجّلين
عدد المسجّلين: 079 64
عدد الحاضرين: 584 51
النّسبة المائويّة الممثّلة للغياب = ( 079 64 − 584 51 ) : 079 64 ≈ 19.49%
تقريبًا 1 من كلّ 5 تلاميذ لم يتقدّم لاجتياز المناظرة رغم تسجيله. و يمكن أن يكون الغياب مرتبطًا بـ :
- إدراك مبكر من العائلة أن فرص القبول ضعيفة.
- عدم جاهزيّة نفسيّة أو معرفيّة لدى المترشّح.
- الاقتناع بالمسار التّعليميّ العاديّ و عدم الرّغبة في المسار النموذجيّ.
نسبة التّلاميذ الذين حصلوا على معدّل ≥ 10/20
عددهم: 703 17 من أصل 584 51
النّسبة: 34.32 %
ثلث ( 1 / 3 )التلاميذ تقريبًا فقط لديهم التّملّك الأدنى (معدّل ≥ 10 / 20 ). هذا معناه أنّ 65.68 % من المشاركين لم يحصلوا حتى على المعدل الأدنى ( 10 / 20 ) ! وهذا يحملنا إلى دلالات مقلقة:
- ملاحظة مؤشّرات ضعف على مستوى التّحصيل الدّراسيّ.
- إمّا أنّ الامتحان كان صعبًا أو غير ملائم لمستوى التّلميذ أو لا يتناسب مع البرامج الرّسميّة.
- يمكن أن يكون التّكوين في المرحلة الابتدائية يعاني من فجوات كبيرة و حان الوقت للتدخّل و المراجعة.
عدد المقبولين بالمدارس النموذجية
عدد المترشّحين الذين يستحقّون الالتحاق بالمدارس النّموذجيّة: 683 2 فقط.
≈ 5.20 %نسبة لبقبول ( 683 2 : 584 51 ) × 100
قد يظن البعض أن السّبب هو "قلّة المقاعد" بالنّظر إلى طاقة الاستيعاب، لكنّ الحقيقة أعمق من ذلك بكثير:
- البقاع موجودة فعلًا: حيث أنّ الدّولة خصّصت تقريبًا 850 3 مقعدًا (نصف إقامة + إقامة كاملة). لكنّ النّتائج أظهرت نقصا لافتا، لأنّه لم يتجاوز هذا السّقف سوى 683 2 تلميذًا فقط.
- من أضاع الفرصة: آلاف التّلاميذ نجحوا ( أي تفوّقوا بحصولهم على 10/ 20 )، لكنّهم لم يصلوا إلى عتبة 15 / 20 المخوّلة لهم بالالتحاق بالمدارس الإعداديّة النّموذجيّة، وبالتّالي فقدوا فرصة الدّخول رغم نجاحهم العام.
- المستوى كان هزيلا : القبول في المدارس الإعداديّة النّموذجيّة لا يُمنح لكلّ من نجح، بل فقط لمن تميّز حقًّا وتجاوز العتبة المرجوّة. أمّا المقاعد فلم تكن قليلة بقدر ما كانت المعدّلات المرتفعة نادرة.
المرتبة الأولى في الجمهورية
التلميذة زينب بنت سليم بنعمارة حصلت على 19.00/20 وهي تنتمي إلى المدرسة الابتدائية نهج أنقولا - جان دارك، تونس العاصمة.
و تحقيق معدل 19 يعكس تفوّقًا كبيرًا، خاصة في مناظرة تعتمد على مواد متعدّدة (لغة عربيّة، فرنسيّة، رياضيات، إيقاظ علمي). المدرسة التي تنتمي لها هي من المؤسّسات المعروفة في العاصمة، ويظهر هذا التّفوّق توّفّر:
- - دعم حالات التّميّز منذ الأقسام الصّغرى .
- - بيئة اجتماعيّة محفّزة.
- - دعم أسريّ أو خاص.
قراءة مقارنة
السّنة | عدد المترشّحين | عدد المقبولين | نسبة القبول |
---|---|---|---|
2024 | 000 59 | 300 3 | 5.59 % |
2025 | 079 64 | 683 2 | 4.18 % ↓ |
استنتاجات كبرى:
الأمر الجيّد
أنّ المناظرة تحافظ على مصداقيتها كاختبار وطنيّ جاد. بعض التّلاميذ يحقّقون
نتائج ممتازة، ما يدلّ على وجود مواهب و كفاءات حقيقيّة. أمّا الأمر المقلق فهو
ارتفاع نسبة الغياب، ضعف النّتائج العامّة ( 1/3 فقط تحصّلوا على معدّل ≥ 10/20).
و ما يمكن تحسينه هو إصلاح المنظومة البيداغوجية في الابتدائي. توسيع شبكة
المدارس النّموذجية لتقليص نسبة الغياب، كذلك وضع برامج دعم ومرافقة نفسيّة
للتلاميذ قبل المناظرة. أيضا تطوير نظام التّقييم ليشمل مهارات أوسع وليس فقط
المواد الأكاديمية.
تكشف مناظرة الدّخول إلى المدارس الإعداديّة النّموذجيّة لسنة 2025 عن أكثر من مجرّد نتائج وأرقام، فهي مرآة تعكس واقعًا تربويًّا تتداخل فيه العوامل النّفسية، الاجتماعيّة، والبيداغوجيّة. ورغم الجهود التّنظيمية المبذولة، فإنّ ، تراجع نسب النّجاح مقارنة بالدّورات السّابقة، يدفع نحو التّفكير الجدّي في مراجعة آليات الانتقاء، وتوسيع قاعدة الاستيعاب، وتعزيز مرافقة التّلاميذ مبكّرًا ضمن مقاربة شاملة للتّميّز.
وبين طموح آلاف التّلاميذ نحو التفرّد، وتحدّيات الواقع التربويّ، تبقى هذه المناظرة محطّة تحتاج إلى تطوير مستمرّ، حتى تكون أكثر عدالة، وأشدّ انسجامًا مع أهداف المؤسّسة التّربويّة التونسية.